أساقفة المكسيك يبدؤون زيارتهم القانونيّة للأعتاب الرّسولية: العلاقة بين الكنيسة والدولة

تاريخ حرب الماسونية على الكنيسة

   مدينة الفاتيكان في 1 أيلول 2005 بدأ قداسة البابا بندكتس السادس عشر قبل ظهر الخميس الجاري لقاء أساقفة المكسيك في إطار زيارتهم القانونيّة للأعتاب الرّسولية، وقد التقى ثمانية أساقفة عالج معهم شؤون أبرشياتهم من النواحي الروحيّة والاجتماعيّة.

   العلاقات بين الدولة والكنيسة في المكسيك لم يسدها التفاهم إذ شهدت تقلّبات خطيرة كادت تقضي على الإيمان الكاثوليكي في هذا البلد الأميركي. فالكنيسة المكسيكيّة لم تشهد حياة سهلة، فالعلاقات مع الكرسي الرّسولي والاعتراف ببعض حقوق الكنائس المحليّة من قبل الدولة تعود فقط للعام 1991، وذلك على أثر الزيارة الثانية التي أتمّها السّعيد الذكر البابا يوحنّا بولس الثاني إلى المكسيك في عام 1990.

   بعد نوال المكسيك استقلالها في عام 1821 والذي ساهم بتحقيقه كاثوليك وعلمانيّون على السواء، برزت في الحكومة المكسيكيّة أكثرية متحرّرة وثوريّة عملت بكل الطرق لوقف تأثير الكنيسة على المجتمع، فشرّعوا ظلماً حارمين الكنيسة من حقوقها القضائيّة، من ثمّ أمّموا أراضيها. كما حمل دستور عام 1917 المستوحى من المُثل الماسونيّة والاشتراكيّة، هجوماً عنيفاً وجلياً ضدّ الكنيسة، فحَرم الكهنة والرهبان والراهبات والإكليريكيّين من كلّ حقوقهم المدنيّة، كما حَرم المسيحيّين من حريّة التعليم، والتظاهر والتعبير عبر الصحف ووسائل الإعلام عن قناعاتهم السياسيّة. أثارت هذه القوانين الاعتباطيّة استياء وحفيظة الأساقفة الذين قرّروا إغلاق أبواب الكنائس بعد تعرّضها للتدنيس والتخريب. أمام انحسار حركة الإكليروس بدأ العلمانيّون المؤمنون بتنظيم أنفسهم في حركة أطلقوا على أثرها في عام 1926 ما أسموه "بحرب المسيحيّين"، وضمّت شبيبة عمّالية، وطلاب ومزارعين تحت لواء "رابطة دينيّة" تمكّنت عبر الإضرابات والضغوط الاقتصاديّة من استعادة حريّة الكنيسة الدينيّة. تصلّب الحكومة قاد كاثوليك البلاد إلى الكفاح المُسلّح وبات شعارهم الذي استُشهد بسببه آلاف الكهنة والعلمانيّين الكاثوليك: "ليحيا المسيح الملك".

   في عام 1929 وُضع حدّ للكفاح المُسلّح من خلال اتفاقية أُبرِمَت بين الكرسي الرّسولي والحكومة المكسيكيّة والولايات المُتّحدة الأمريكية، واضطرّت الكنيسة للقبول بأقل الشرور من خلال طريقة عيش لا ضمانات شرعيّة فيها وخاضعة لرحمة الحكومة وهذا ما أدى لاحقاً إلى تصفية آلاف الكاثوليك المنتمين لجيش التحرير بالرغم من العفو الذي شملهم.

   زمن الهدوء النّسبي كان ضرورياً لكنيسة المكسيك التي شهِدَت ازدهاراً ونمواً في دعواتها ومدارسها الإكليريكيّة، وتخطياً للعاصفة العدائيّة التي لم تتمكّن من محوِ الإيمان المتجذّر في قلوب الشعب المكسيكي من خلال تعبّده لعذراء غودالوبي التي بقيت أيقونتها العجائبيّة محطة تجذب الملايين لإكرامها.

   سنة 1979 كانت محطّة أساسيّة في حياة كنيسة المكسيك التي شهدت الزيارة الأولى لقداسة البابا الراحل يوحنّا بولس الثّاني في عهد الرئيس بورتيللو الذي كرّس دقائق معدودة للبابا أثناء استقباله على أرض المطار إرضاءً لخط التحرّريّين المعارض للزيارة. وفي عام 1990 زار يوحنّا بولس الثّاني المكسيك مرّة ثانية في عهد الرئيس كارلوس ساليناس الذي أحيط انتخابه بشكوك كثيرة ممّا دفعه للبحث عن شرعيّة شعبيّة من خلال التقرّب من الكنيسة باستعادة العلاقات الدبلوماسيّة مع  الكرسي الرّسولي والتسوية الهادئة مع الكنائس المحليّة. بالطبع إن ما حصل لم يحل المشاكل بكاملها إذ إنّ الكنيسة الكاثوليكيّة في المكسيك لا تزال تناضل حتّى اليوم من أجل انتزاع حقوقها الأساسيّة بنشر التربية الكاثوليكيّة وحريّة استعمال وسائل الإعلام.
المصدر راديو الفاتيكان

http://www.oecumene.radiovaticana.org/ara/Articolo.asp?id=47435

 


حركة مار شربل للحياة
Saint Charbel for Life
Back to Home page
E-mail us: info@lilhayat.com