الموضوع    :   "هبـة الحيـاة"

 

          "بإسم الآب والإبن والروح القدس الإله الواحد, آمين".

        

"أنا هو الذي يتكلّم معكِ"..  

       السيد المسيح يكشف نفسه لكل إنسان، وكل إنسان على موعد لإكتشاف السيّد المسيح وكان النصيب للسامريّة التى أتت إلى البئر تستقي الماء، والتقت صدفة بالسيّد المسيح وكان الحوار، وبلغ إلى أنّ المسيح كشف نفسه للمرأة وغيّر حياتها.

         نرجو أن يكون اللقاء في مار شربل عنايا في هذه الذبيحة، لقاء المسيح لكل واحد منّا، فيحلّ بقلبه شوق لمعرفة الربّ والتماس الفرح، للبائس والمريض وتزيد نعمة الربّ، لكلّ شخص حامل هموم، وكل شاب بقلق على المستقبل، وكل إنسان في أسرة تعاني مشاكل تفكك، وكل شخص يبحث عن معنى الوجود، وكل واحد من الحاضرين حامل بقلبه شوقاً ما. صلاتنا للسيد المسيح الذي من عنده وحده يأتي كل جواب.

         "أنا هو الذي أتكلّم معكِ"..

         النصيب الكبير كان أيضاً للقديس أنطونيوس وبهذه المناسبة يجدد الرهبان نذورهم. نُحيّي بهذا العيد كل الرهبان وبنوع خاص رهبان الرهبانيّة اللبنانيّة المارونيّة. وكل حامل إسم أنطوان، نرفع الصلاة من أجلهم ومن أجل نمو الرهبنة.

         كما أنّه كان النصيب الأكبر لمار شربل الذي التقى السيد المسيح على هذا الجبل وسجد له السجود الكامل بالروح والحقّ... ويا ما سمِعَ ما قاله السيّد المسيح للسامريّة "أنا هو الذي يتكلّم معك".

         نستشفع هذه الوجوه التى عرفت السيد المسيح وتبدّلت حياتهم من هذه المعرفة.

         نحن مجتمعين في ثاني جمعة من الشهر مثل العادة، لنرفع الصلوات من أجل الكنيسة ومن أجل قداسة البابا ليحقق الرب أمنياته.

         نصلّي على نيّة كنيستنا لتستمر خميرة فاعلة بالثقافة والإنسانيّة.

مع هذه اللقاء اعتدنا التأمل بفقرة من الإرشاد وبلغنا إلى موضوع العيلــة وراعوية العيلة،  واليوم نتناول موضوع  الحياة، الحياة تنبثق من الأسرة فإذاً عنوان تأمّل الليلة هو   :   "هبــة الحيـــاة"

          اخترناه من وثيقة كتيّب قداسة البابا  "الأولاد ربيع العائلة والمجتمع". وترجمت إلى العربيّة. كتاب صغير حامل كل راعوية العيلة.

         الحياة التي تولد من الوالدين هي هبة من الله. ما معنى هبة من الله.

اولاً   :      أنّ الحياة لا تخصّ احد وليست حق ولا ملك لإحد، هي من الله وللّه.

         عندما اقول ان حياتي ليست لي، هذا يعني انّي موكل عليها. لا نأتي صدفة. حياتنا من الله، خلقها وهو يعتني بها. الربّ أراد هذه الحياة وهو افتداها وهو ما زال يفتديها بكل ذبيحة قدّاس. الربّ حاضر في هذه الحياة التي أرادها, لمعاونته في حفظ الخلق وحماية الأرض والإعتناء بها والمحافظة على جمالها. الله بحاجة إليّ، وأرادني لأعاونه في تحقيق الخلاص. والرب أرادني كي يصنع التاريخ معي، وهذا هو السبب الجوهري لحياة كل واحد، لماذا اعمل واتعلّم؟.. السبب الجوهري للحياة هو أن أكون معاون الله. هو دعاني ليشركني في الحياة الإلهيّة. هذا كلّه إسمه  " إنجيـل الحيـاة"..

         يعلن للعالم بشرى انّ الإنسان له كرامة وهو يبقى من الله..

          نصلّي الليلة لكل واحد منّا ليحافظ على حياته. السيد المسيح تجسّد، ليعلمنا، أعطى ذاته للبشريّة وحبّهم حتى النهايةوإستمرّ بسرّ القربان هبة للبشريّة يعطي كلمته في الإنجيل وجسده نعمة شفاء روحيّة وماديّة ومعنويّة. حضوره في سرّ القربان علامة أنّه هو هنا من أجلنا. جماعة, أفراد، كنيسة ومجتمع.

          نصلّي مع صاحب المزامير "انتَ الذي كوّن كليتيَ ونسجني في بطنِ أمّي.. رأتني عيناكَ جنيناً وفي سفركَ كُتِبَت جميع الأيام  وصُوِّرت قبل أن توجد"...  مزموز 139 .

ثانياً   :      بما إنّ الحياة هي من الله إذن هي مقدّسة، الحياة كريمة في عينيّ الله وانا مدعو لأحافظ على قدسيّة حياتي وحياة غيري. لهذا لا يريد الربّ أن يستبدّ احد بحياة بشرية لأنها موضوع عناية الله وهبة يسهر على مصيرها، ويطالب بالحساب. وكل إنسان يعتدي على حياة غيره يتردد صوت الله من قايين نفسه  " ماذا صنعتَ بأخيك"..  " أين أخيك".. "صوت دماء أخيك يصرخ إليّ"...  الحساب هو لكل إنسان.

          الكنيسة إذاًَ تندد وتستنكر كل الجرائم والإعتداءات على الحياة البشريّة :

1)          كل انواع القتل الجماعي او الفردي، الإجهاض، القتل الرحيم (أي قتل المريض العجوز والمتألم ليرتاح) .

2)          كل أنواع التعذيب و البتر الجسدي...

3)          الضغوطات النفسيّة الممارسة على كل إنسان..

4)          كل ما يهين او يسيء الى كرامة الإنسان، ظروف الحياة والعمل المشينة، الدعارة والمتاجرة بالأشخاص، الممارسات المخزية التي تنتهك حقوق الإنسان، وليس فقط على الصعيد الإقتصادي والسياسي وأيضاً في قلب العيلة وبين الزوجين، بالقسوة والكلام الجارح وخيانة العهد، والتعذيب والإعتداء على حياة الأولاد.

بما أنّ الحياة عطيّة من الله، هو أعطاها قيمة ومعنى، سليمة كانت أم مريضة فيها إعاقة أو لا، فقيرة او غنيّة، ذات منزلة رفيعة ام وضيعة.. كل حالة من حالات البشريّة لها معناها في نظر الله. هو الذي أتى وقال.. "العميان يبصرون"  "الصم يسمعون"  "الفقراء يبشّرون"   "الموتى يقومون"...

يريد أن يقول لنا بهذا الكلام انّ أي حياة لها قيمتها، والربّ يعتني بكل حالة ويعطيها قيمة خلاصيّة.

" أنا هوَ الذي يكلمكم"..

نحن نلتمس باي حالة من حالات حياتنا ان يأتي المسيح ويقول "أنا هو الذي يكلّمكم".. ويعطي معنى لحياتنا.

يسوع المسيح المتجسّد هو الكلمة لكل واحد منّا.

إذأ، إذا كانت الحياة من الله، هي ايضاً من الوالدين، من الزوجين. لكن منهما بالواسطة، الأب والأم هم الواسطة وليس مصدر الحياة الأساسيّة. من خلالهم الربّ أعطى الحياة وأعطى الهبة. كل واحد منّا كان هبة لأهله. من خلال الأهل تتكوّن الحياة. كل مرّة يتحد زوجين اتحاد عميق يتدخّل الله ويلفظ روحاً من روحه، وهذه الروح تأخذ جسداً من الأم. الوالدين هما معاونا الله في نقل الحياة البشريّة. أنها ثمرة إلهيّة للأم والأب لأنهم أعطوا ذاتهم. الحب هو خلاّق، الحب يعطي. إنجاب الحياة البشريّة ثمرة هذا الإتحاد، لهذا هي عطيّة الزواج الفضلى. لا يحق لأحد الزوجين أن يحرم الآخر من هذه الهبة.

طالما اراد  الربّ انّ يحمل اتحادهم الزوجي ثمرة الإنجاب، لا يحق للزوجين استعمال اي وسيلة من وسائل منع الحمل الإصطناعيّة. هذا تعدّي على شريعة الله، تزوير للحب، للعطاء. تعلّم الكنيسة، لتنظيم الولادات، باللجوء إلى الوسائل الطبيعيّة التي جعلها الربّ شريعة في الجسم البشري. الربّ الذي أعطى الحياة نظّمها ورتّبها حتى لا يعتدي الإنسان على إرادته.

لنعيش فعلاً قدسيّة الحياة نحن بحاجة دائماً لسماع تعاليم الله.

الحياة هبة من الله للوالدين وهي هبة بواسطة الوالدين، هبة من أجل الأسرة، المجتمع والكنيسة.

صلاتنا أن نكون على مثال شربل وأنطونيوس، والرب يجعل من حياتنا هبة مقدّسة تعاد إلى الربّ بكل جمالها.

الحياة قصيرة جدّاً .. نحن مدعوين لنعمل كل حياتنا ونعرف كيف نكون هبة مقبولة من الله على مثال القديسين.

                                            آميـن.


مار شربل للحياة
Saint Charbel for Life
Back to Home page
E-mail us: info@lilhayat.com