الصفحة الرئيسية| غرفة الأخبار | إبحث | أرشيف الأخبار| الإجهاض | كيف أعيش سرّ التوبة ؟| اليوثانيجيا | الطلاق| تراتيل| العفة|الخلايا الجذعية نقاط التكلّ‍م | الإستنساخ|

الإجهـاض المتـأخر للحصـول على أنسجـة الجنـين
إعداد - د. مغازي البدراوي:
الإجهاض أمر مباح حسب القانون الروسي ولا يوجد أي حظر عليه، ومن المشاهد العادية في المستشفيات الروسية مشهد طابور السيدات والفتيات اللاتي يجلسن في انتظار دورهن للدخول لغرفة العمليات لإجراء عملية الإجهاض التي لا تستغرق أكثر من ربع ساعة تخرج بعدها المرأة في حالة عادية مع معاناتها من بعض الإعياء. ولا تحتاج هذه العملية في روسيا أية إجراءات إدارية ولا حتى إثبات زواج، فقط ينص القانون الروسي على أن لا يزيد عمر الجنين في بطن الأم عن احد عشر أسبوعا كحد أقصى، بعد ذلك الحد تمنع عملية الإجهاض وتصبح جريمة في نظر القانون الروسي، ولا يجوز إجراؤها إلا بموافقة لجنة طبية
حكومية حسب حالة الأم والجنين.
ولكن هذا الحظر القانوني لم يمنع بعض الجهات الطبية من ممارسة عمليات الإجهاض المتأخر، وخصوصاً في الأسبوع الثامن عشر من عمر الجنين، وذلك لدواعي تجارية وربحية غير إنسانية. وسائل الإعلام الروسية تناولت في الآونة الأخيرة جرائم إجهاض في عمر متأخر للجنين رصدتها أجهزة أمنية وحاصرتها، واكتشفت الجهات التي تعمل ورائها ومنها جهات أجنبية أوروبية، وخصوصاً من ألمانيا.
وكتبت صحيفة ‘’سفيرشنا سيكرتنا’’ الصادرة في موسكو في مطلع مارس/أذار الماضي أنه بلغ إلى علم أجهزة الأمن الروسية أن احد مراكز رعاية الأمومة والطفولة في موسكو يعمل فيه أطباء يقومون بعمليات إجهاض متأخر لسيدات حوامل في الأسبوع الثامن عشر.
ذكرت الصحيفة أنه اتضح من التحقيقات أن السيدات كن يترددن على هذه المراكز طيلة فترة الحمل ليفحصهن أطباء بعينهم من دون غيرهم، ثم يحضرن في يوم محدد بعد بلوغ الجنين الأسبوع الثامن عشر حيث تجرى لهن عملية الإجهاض في جو من الكتمان والسرية، ومن دون أية إثباتات في دفاتر المركز للأم ولا لدواعي إجراء العملية، وعثرت أجهزة الأمن في إحدى هذه المراكز على عقار يستخدم فقط في هذه العمليات يسمي ‘’نالادول’’ من إنتاج شركة ‘’ شيرينج ‘’ الألمانية.
ولم تجد أجهزة الأمن أي أدلة على دخول هذا العقار للبلاد بطريقة رسمية، كما أنه غير مسجل في وزارة الصحة الروسية، بمعنى أنه ممنوع استخدامه في روسيا طالما لم يحصل على ترخيص من وزارة الصحة. وبالبحث والتحري تبين أن هذا الدواء يدخل إلى روسيا مهرباً مع طبيب ألماني يدعى شميث يتردد باستمرار على روسيا منذ منتصف التسعينات. أجرت أجهزة الأمن الروسية تحرياتها عن الطبيب الألماني شميث لدى جهات الأمن الألمانية، وتبين أنه كان يقوم بأبحاث طبية من أجل الحصول على أدوية لعلاج بعض الأمراض المستعصية عند الأطفال وخصوصاً أمراض الجهاز العصبي والنخاع الشوكي، وهي الأمراض التي يعجز الطب عن علاجها بسبب نقص الأدوية الخاصة بالأمراض الناتجة عن عوامل وراثية. هذه الأدوية التي تحتاج في الأساس إلى هرمونات مأخوذة من خلايا أنسجة حية، وفكر شميث في طريقة للحصول على هذه الأنسجة الحية فاكتشف أن المصدر الوحيد لها هي الأجنة البالغة عمر معين في بطن أمها لا يقل عن ثمانية عشرة شهراً، ولم يكن أمام شميث أية وسيلة للحصول على هذه الأنسجة ولا هذه الأجنة في داخل ألمانيا التي تخضع عمليات الإجهاض المتأخر فيها لرقابة حكومية شديدة.
رحل شميث من ألمانيا إلى الولايات المتحدة الأميركية بعد اتصالات خاصة مع جهات هناك في ولاية كاليفورنيا وعدته بتوفير هذه الأجنة، وبالفعل بدأ شميث يمارس سرا عمليات إجهاض متأخر لسيدات حوامل في كاليفورنيا مقابل مبلغ من المال مستخدما عقار ‘’نالادول’’ الذي أخذه معه من ألمانيا، إلا أنه واجهته في كاليفورنيا مشكلة أخرى، حيث لم يستطع التعامل بشكل جيد مع الأنسجة التي كان يحصل عليها من هذه الأجنة، الأمر الذي أدى إلى حصوله من وراء هذه الأنسجة على أدوية غير صالحة لعلاج أمراض الأطفال التي يسعى لعلاجها.
فشل شميث في كاليفورنيا في علاج عدة أطفال وتسبب في إصابة بعضهم بأمراض جانبية خطيرة نتيجة فساد الأدوية التي استخدمها، وألقي القبض عليه في كاليفورنيا وتم التحقيق معه، إلا أن التحقيق لم يدينه إدانة كاملة واعتبرها مجرد أبحاث علمية فاشلة. لكن السلطات أمرت بترحيله ليعود لألمانيا بسمعة سيئة حالت من دون مواصلة أبحاثه بعد مقاطعة مراكز الأبحاث الطبية الألمانية له. مع الانفتاح في روسيا في التسعينات من القرن الماضي، ومع العلم بأن روسيا من أولى دول العالم في إجراء عمليات الإجهاض التي زاد عددها أضعافا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، توجه شميث إلى روسيا حاملاً معه عقاره ‘’نالادول’’، وقدم نفسه للمسؤولين في موسكو على أنه طبيب ألماني كبير وباحث لديه دواء جديد لعلاج الأمراض المستعصية عند الأطفال.
حصل شميث على موافقة بالعمل في مركز لرعاية الأمومة والطفولة في موسكو، وبعد عدة أشهر من عمله كون علاقات وطيدة بكبار الأطباء في المركز، وكاشفهم بحقيقة أبحاثه وعرض عليهم التعاون معه بتوفير حالات إجهاض متأخر لا يقل فيها عمر الجنين عن ثمانية عشر أسبوعاً، وذلك مقابل مشاركتهم له في الأرباح والعائدات التي ستأتي من تسويق الدواء الذي سيستخلصه من أنسجة هذه الأجنة.
كانت المشكلة هي توفير النساء الحوامل اللاتي يوافقن على إبقاء الجنين حتى الأسبوع الثامن عشر ثم إجراء الإجهاض لهن، وكان أعوان شميث من الأطباء الروس يستغلون الحالة الاجتماعية والاقتصادية المتردية في روسيا آنذاك، ويغرون النساء الحوامل بمبالغ مالية زهيدة لكنها تعتبر كبيرة بالنسبة لهن في ظل ظروفهن المادية الصعبة، وكان الاتفاق حسبما أثبتت التحريات يتراوح ما بين خمسمئة وألف دولار.
وبالفعل استطاع الأطباء المتعاونون مع شميث توفير أكثر من خمسمائة حالة إجهاض متأخر على مدى نحو ثلاثة أعوام، كما استطاعوا أيضا توفير عدد من حالات الأطفال المرضي بأمراض مستعصية تتصل بالجهاز العصبي والنخاع الشوكي، ليجري عليهم شميث تجارب العلاج بالأدوية التي كان يستخلصها من أنسجة الأجنة، وهذا في حد ذاته يعد جريمة أخرى حسب القانون الروسي، إذ لا يجوز استخدام مستحضرات طبية غير معتمدة من وزارة الصحة في علاج المرضى. الأكثر من ذلك أن هؤلاء الأطباء المتعاونين مع شميث كانوا يروجون للأدوية الجديدة عن طريق عقد مؤتمرات طبية وإعلانات في بعض الصحف، لكنهم لم يصرحوا بأنها مستخلصة من أنسجة أجنة حصل عليها عن طريق الإجهاض المتأخر، ولكن هذه الأدوية الجديدة لم يثبت نجاحها وتسببت في كثير من المضاعفات الخطيرة للأطفال الذين تعاطوها، الأمر الذي عجل بكشف هذه الجريمة بعد أن تقدمت عائلات بعض الأطفال بشكاوى لوزارة الصحة. وبناء عليه تحركت أجهزة الأمن الروسية حديثا للتحقيق في الشكاوى، ولكن على ما يبدو أن تحركها جاء متأخراً فقد اختفى شميث ولا يعرف أحد أين ذهب، وربما يكون قد غادر روسيا لبلد آخر يواصل فيه جرائمه الطبية، بينما انتشرت فضيحة الإجهاض المتأخر في روسيا وتناولتها وسائل الإعلام في الآونة الأخيرة لتصبح حديث المجتمع الروسي.

http://www.alwaqt.com/art.php?aid=49180

 إنظر أيضاً من نفس الموضوع:
أنسجة من أطفال مجهضة تستعمل للأبحاث على مرض السكري

http://marcharbel.lilhayat.com/Aug/20020807.htm

 


مار شربل للحياة
Saint Charbel for Life Movement
Back to Home page
E-mail us: info@lilhayat.com